سورة القصص - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القصص)


        


{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (42)}
فإن قلت: ما معنى قوله: {وجعلناهم أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النار}؟ قلت: معناه: ودعوناهم أئمة دعاة إلى النار، وقلنا: إنهم أئمة دعاة إلى النار، كما يدعي خلفاء الحق أئمة دعاة إلى الجنة. وهو من قولك: جعله بخيلاً وفاسقاً، إذا دعاه وقال: إنه بخيل وفاسق. ويقول أهل اللغة في تفسير فسقه وبخله: جعله بخيلاً وفاسقاً. ومنه قوله تعالى: {وَجَعَلُواْ الملائكة الذين هُمْ عِبَادُ الرحمن إناثا} [الزخرف: 19] ومعنى دعوتهم إلى النار: دعوتهم إلى موجباتها من الكفر والمعاصي {وَيَوْمَ القيامة لاَ يُنصَرُونَ} كما ينصر الأئمة الدعاة إلى الجنة. ويجوز: خذلناهم حتى كانوا أئمة الكفر. ومعنى الخذلان: منع الألطاف، وإنما يمنعها من علم أنها لا تنفع فيه، وهو المصمم على الكفر الذي لا تغني عنه الآيات والنذر، ومجراه مجرى الكناية؛ لأنّ منع الألطاف يردف التصميم، والغرض بذكره: التصميم نفسه، فكأنه قيل: صمموا على الكفر حتى كانوا أئمة فيه دعاة إليه وإلى سوء عاقبته.
فإن قلت: فأي فائدة في ترك المردوف إلى الرادفة؟ قلت: ذكر الرادفة يدل على وجود المردوف فيعلم وجود المردوف مع الدليل الشاهد بوجوده، فيكون أقوى لإثباته من ذكره. ألا ترى أنك تقول: لولا أنه مصمم على الكفر مقطوع أمره مثبوت حكمه لما منعت منه الألطاف، فبذكر منع الألطاف يحصل العلم بوجود التصميم على الكفر وزيادة، وهو قيام الحجة على وجوده. وينصر هذا الوجه قوله: {وَيَوْمَ القيامة لاَ يُنصَرُونَ} كأنه قيل: وخذلناهم في الدنيا وهم يوم القيامة مخذولون، كما قال: {وأتبعناهم فِي هَذِهِ الدنيا لَعْنَةً} أي طرداً وإبعاداً عن الرحمة {وَيَوْمَ القيامة هُمْ مِّنَ المقبوحين} أي من المطرودين المبعدين.


{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43)}
{بَصَائِرَ} نصب على الحال. والبصيرة: نور القلب الذي يستبصر به، كما أن البصر نور العين الذي تبصر به، يريد: آتيناه التوراة أنواراً للقلوب، لأنها كانت عمياء لا تستبصر ولا تعرف حقا من باطل. وإرشاداً؛ لأنهم كانوا يخبطون في ضلال {وَرَحْمَةً} لأنهم لو عملوا بها وصلوا إلى نيل الرحمة {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} إرادة أن يتذكروا، شبهت الإرادة بالترجي فاستعير لها. ويجوز أن يراد به ترجي موسى عليه السلام لتذكرهم، كقوله تعالى: {لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} [طه: 44].


{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44)}
{الغربى} المكان الواقع في شق الغرب، وهو المكان الذي وقع فيه ميقات موسى عليه السلام من الطور وكتب الله له في الألواح. والأمر المقضي إلى موسى عليه السلام: الوحي الذي أوحى إليه؛ والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وما كنت حاضراً المكان الذي أوحينا فيه إلى موسى عليه السلام، ولا كنت {مِنَ} جملة {الشاهدين} للوحي إليه، أو على الوحي إليه؛ وهم نقباؤه الذين اختارهم للميقات، حتى تقف من جهة المشاهدة على ما جرى من أمر موسى عليه السلام في ميقاته. وكتبة التوراة له في الألواح، وغير ذلك.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11